منتدى الدوحة 2019
الحوكمة في عالم متعدد الأقطاب
في ظل تفاقم الصراعات وانعدام المساواة الناجم عن الحرب والفقر، تبدو الحلول والفرص وكأنها تكمن في موجة انتقالية عالمية من القطب الأوحد، إلى تعددية الأقطاب. من المتوقع أن يهيمن هذا التحول على المستقبل القريب في خضم السعي الحثيث لتحقيق العدالة وحكم القانون والمساواة بين البشر. ولهذه النقلة النوعية أبعادٌ متعددة تمتد إلى ما هو أعمق من مجرد إطار سياسي. لذلك ثمة حاجة لاكتشاف فحوى هذا التغيير وإعادة تصور نظام حوكمة عالمي ديناميكي يتوافق مع الوضع الحالي.
وها نحن نرى بأن الشرعية التي اختصت بها بعض الدول في مصاف النزاعات الدولية تتلاشى يوماً بعد يوم؛ فإن البشر، والسلع، والقيم كلها تتخطى الحدود المحلية، ولا وجود لدولة بعينها أو مجموعة دول بإمكانها إدارة التحديات العالمية القائمة والمستحدثة على حِدة، لذلك نحتاج إلى حلول جماعية نحو نظام حوكمة شمولي، ويكون في صميمه أخلاقي، و تكاتفي، وعملي.
في السياق الحديث، نرى أن الدول المستقلة إلى جانب الجهات الفاعلة من غير الدول، يتنافسون على النفوذ السياسي، العسكري، والاقتصادي، في حين تتباين الدول في امتداد سلطتها ومكانتها على الصعيد العالمي. أضف إلى ذلك أن المنظمات غير الحكومية، والحركات الاجتماعية-السياسية وتلك الدينية، والشركات العابرة للحدود الوطنية، ووكالات العالم الافتراضي، جميعهم، يلعبون أدواراً رئيسية تحولية.
إن الطابع الفريد لعالمنا اليوم يرتكز على التناقض الواضح بين الترابط والتواصل العالمي المتزايد، والنزاعات العقيمة حول ما يمثل القيم العالمية التي نصبوا إليها جميعاً، إذ تبرز قضايا عالمية متعددة تؤثر علينا جميعاً كالتغير المناخي الذي يهدد سبل العيش للمجتمع والاقتصاد العالمي، والهجرة التي تعد تحدياً دولياً بحاجة إلى إدارة متكاتفة مع الحفاظ على حقوق اللاجئين والمهجَرين.
كمنتدى فكري ريادي، سيبحث منتدى الدوحة في هذا العام المواضيع التالية:
- التوجهات والتكنولوجيا
- التجارة والاستثمار
- الموارد البشرية وانعدام المساواة
- الأمن وحوكمة الانترنت والدفاع
- المنظمات الدولية، المجتمع المدني، والفاعلين من غير الدول
- الثقافة والهوية
كيف يمكننا المضي قُدماً؟ الحوكمة العالمية والقيادة من القضايا الحيوية لاستدامة نظامنا ومعايير حياتنا، وبينما تواجه الاتفاقيات متعددة الأطراف التحديات، وتتعرض المؤسسات الإقليمية للمساءلة، نرى حاجة ماسة لنظام حوكمة بديل يتسع التعددية، والدبلوماسية، والحوار.
ما مدى استمرارية اندفاع بعض الدول لاتخاذ قرارات أو مواقف فردية في الأنموذج الحالي؟ في عهد يتسم بتعدد الأقطاب، هل يمكننا الحوار والانخراط في نظام تحترم فيه السيادة ويكون التركيز فيه على مرونة الدول والمشاركة في صنع القرار؟
انطلاقاً من الإسهامات الرئيسية للمنتدى العام المنصرم، سيجمع منتدى الدوحة هذا العام نُخبةً من القادة، والمفكرين، وصناع السياسات للتطرق إلى الأسئلة أعلاه، وذلك بغيةَ إعادة تصور الحوكمة العالمية التي تعالج احتياجاتنا وأولوياتنا المشتركة.